0661. MUNAKAHAT: IDDAH WANITA YANG BELUM PERNAH DIJIMA'


PERTANYAAN:
⭐Rahimah Ulmhuu Kalsumuie ⭐
Assalamualaikum
Saya mau bertanya tentang talak wanita yang belum dijima suaminy gimana ketentuan iddahnya?
Makasih
Wassalam

JAWABAN:
⭐Husnul Khothimah⭐
Istri yang ditalak suaminya sebelum dukhul, tidak wajib melaksanakan iddah, karena iddah sendiri dilakukan untuk memastikan apakah dirahim perempuan ada bekas sperma mantan suami. Refrensi. Bunga Rampai Fikih Muslimah. Sidogiri.

⭐Ismidar Abdurrahman As-Sanusi⭐
Wa'alaikumussalam Wr.Wb

IDDAH wanita yang belum pernah didukhul (djima') bisa dirinci sebagai berikut:
✈ Bila cerai hidup maka tidak ada iddah bahkan tidak wajib iddah bagi wanita karena diantara tujuan iddah ialah untuk mengetahui kosongnya rahim atau tidak bila tidak pernah dijima' tentu tujuan itu tidak terlaksana. Ini merupakan kesepakatan Ulama (empat madzhab), hal ini sesuai dengan firman Allah:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا

"Wahai orang_orang yang beriman apabila kamu menikahi perempuan-perempuan yang beriman, kemudian kamu ceraikan mereka sebelum kamu mencampurinya maka sekali-sekali tidak wajib atas mereka ´iddah bagimu yang kamu minta menyempurnakannya. Maka berilah mereka mut´ah dan lepaskanlah mereka itu dengan cara yang sebaik-baiknya". (QS.Al_Ahdzab : 49)

✈ Bila cerai mati (wafat) maka diwajibkan baginya iddah sebagaimana iddah wafat yaitu 4 bulan 10 hari beserta malamnya. Hal ini berdasarkan keumuman firman Allah:

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

"Orang-orang yang meninggal dunia di antaramu dengan meninggalkan isteri-isteri (hendaklah para isteri itu) menangguhkan dirinya (ber´iddah) empat bulan sepuluh hari. Kemudian apabila telah habis ´iddahnya, maka tiada dosa bagimu (para wali) membiarkan mereka berbuat terhadap diri mereka menurut yang patut. Allah mengetahui apa yang kamu perbuat". (QS.Al_Baqarah: 234)
Ketentuan diatas tidak dibedakan baik bagi yang dewasa, kecil, haid, merdeka maupun hamba. Memang ada pendapat dalam Madzhab Syafi'i bila hamba sahaya maka iddahnya 2 bulan 5 hari yaitu setengah dari iddah wanita merdeka namun yang masyhur yaitu sama dengan para wanita pada umumnya.

CATATAN:
Mengenai masalah iddah wafat mungkin akan dibahas dilain kesempatan, pembahasan hanya berkisar pada materi saja, meski ibarot yang akan dibawakan mengacu ke pembahasan iddah wafat, tapi karena bukan pembahasannya maka tidak dibahas.

Wallahu A'lamu Bis Showaab

Al_Fiqh al_Islaami Wa Adillatuhu IX/7166:

ولا عدة على المرأة قبل الدخول اتفاقاً، لقوله تعالى: {فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب:٤٩/ ٣٣]. وعلى المدخول بها عدة إجماعاً، سواء أكان سبب الفرقة طلاقاً أم فسخاً أم وفاة، وسواء أكان الدخول بعد عقد فاسد أم صحيح أم بشبهة، وتجب أيضاً عند الجمهور غير الشافعية إذا طلق الرجل المرأة بعد الخلوة بها.

Al_Mausu'ah al_Fiqhiyyah al_Kuwaitiyyah XX/247:

وَإِذَا كَانَ الطَّلاَقُ قَبْل الدُّخُول فَلاَ عِدَّةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} . (٤) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (عِدَّةٌ (٥)) .
_____________
(٤) سورة الأحزاب / ٤٩
(٥) الاختيار ٣ / ١٧٢ - ١٧٣، والقوانين الفقهية ٢٣٤، ٢٣٥، والقليوبي ٤ / ٣٩، ونيل المآرب ٢ / ٢٧٢، ٢٧٣

Al_Mausu'ah al_Fiqhiyyah al_Kuwaitiyyah XXIX/314

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:
عِدَّةُ الْوَفَاةِ الَّتِي وَجَبَتْ أَصْلاً بِنَفْسِهَا، وَسَبَبُ وُجُوبِهَا الْوَفَاةُ بَعْدَ زَوَاجٍ صَحِيحٍ سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْوَفَاةُ قَبْل الدُّخُول أَمْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ أَمْ لاَ، بِشَرْطِ أَلاَّ تَكُونَ حَامِلاً وَمُدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (١) وَقَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. (٢)
وَقُدِّرَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ؛ لأَِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَقَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُضْغَةً، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فِي الْعَشْرِ، فَأُمِرَتْ بِتَرَبُّصِ هَذِهِ الْمُدَّةِ لِيَسْتَبِينَ الْحَمْل إِنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ. (٣)
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ خِلاَفًا لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنَ الْوَفَاةِ وَاجِبَةٌ مِنَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ دُونَ النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ كَخَامِسَةٍ فَلاَ عِدَّةَ إِلاَّ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ الْبَالِغُ قَدْ دَخَل بِهَا وَهِيَ مُطِيقَةٌ فَتَعْتَدُّ كَالْمُطَلَّقَةِ. (٤)
_________________
(١) الآية رقم ٢٣٤ من سورة البقرة - المبسوط ٦ / ٣٠.
(٢) حديث: " لا يحل لامرأة تؤمن. . . ". رواه البخاري ومسلم (اللؤلؤ والمرجان ٢٥٨ - ٢٥٩. نشر وزارة الأوقاف الكويتية) .
(٣) البدائع ٣ / ١٩٢ - ١٩٥ فتح القدير ٤ / ٣١١، ابن عابدين ٢ / ٦٠٣، الدسوقي ٢ / ٤٧٥، الفواكه الدواني ٢ / ٩٣، روضة الطالبين ٨ / ٣٩٨، ٣٩٩، مغني المحتاج ٣ / ٣٩٥، ٣٩٦، المغني لابن قدامة مع الشرح ٩ / ١٠٦، ١٠٧ كشاف القناع ٥ / ٤١٥.
(٤) الفواكه الدواني ٢ / ٩٣.

I'aanah at_Tholibin IV/50:

(قوله: وتجب العدة لوفاة) مقابل قوله أول الفصل وتجب العدة لتفرقة زوج حي (قوله: حتى الخ) غاية في وجوب عدة الوفاة على المتوفى عنها زوجها: أي تجب العدة عليها ولو كانت مطلقة طلاقا رجعيا بأن طلقها طلاقا رجعيا ثم مات قبل انقضاء عدتها، وحينئذ فتنتقل إلى عدة الوفاة ويسقط عنها بقية عدة الطلاق فتحد وتسقط نفقتها، بخلاف ما إذا مات عن بائن فإنها لا تنتقل إليها بل تكمل عدة الطلاق لأنها ليست زوجة فلا تحد ولها النفقة إن كانت حاملا، وقيد بالحرة لأجل أن يصح تقييده العدة بعد بأربعة أشهر وعشرة أيام لأنها هي التي عدتها ما ذكر، وأما الأمة فهي على النصف من ذلك (قوله: وغير موطوءة) معطوف على حرة رجعية: أي وتجب عدة الوفاة على غير
الموطوءة بأن مات قبل أن يطأها لكونها صغيرة أو غير ذلك، بخلاف فرقة الحياة فإنها إن كانت قبل الوطئ لا تجب عدة عليها لآية * (ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) * الخ.

Al_Muhadzdzab Fi Fiqh al_Imam as_Syafi'i III/118:

كتاب العدة
إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول والخلوة لم تجب العدة لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩] ولأن العدة تجب لبراءة الرحم وقد تيقنا براءة رحمها وإن طلقها بعد الدخول وجبت العدة لأنه لما أسقط العدة في الآية قبل الدخول دل على وجوبها بعد الدخول ولأن بعد الدخول يشتغل الرحم بالماء فوجبت العدة لبراءة الرحم وإن طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول ففيه قولان: أحدهما: لا تجب العدة لما ذكرناه من الآية والمعنى والثاني: تجب لأن التمكين من استيفاء المنفعة جعل كالاستيفاء ولهذا تستقر به الأجرة في الإجارة كما تستقر بالاستيفاء فجعل كالاستيفاء في إيجاب العدة

Mukhtashar al_Muzani VIII/324:

[عِدَّةُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا]
لَا عِدَّةَ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] الْآيَةَ قَالَ وَالْمَسِيسُ الْإِصَابَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمَا: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إلَّا بِالْإِصَابَةِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ هَكَذَا.

Al_Bayan Fi Fiqh al_Imam as_Syafi'i XI/7-8:

فأما عدة الطلاق: فينظر فيه.
فإن طلقها قبل الخلوة بها والدخول.. لم تجب عليها العدة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: ٤٩] [سورة الأحزاب: ٤٩] .
وإن طلقها بعد أن دخل بها.. وجبت عليها العدة؛ لأن الله تعالى لما لم يوجب عليها العدة إذا طلقت قبل الدخول.. دل على: أنها تجب عليها العدة بعد الدخول، ولأن رحمها قد صار مشغولا بماء الزوج، فوجبت عليها العدة؛ لبراءته منه.
وإن طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول.. فقد نص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الجديد على: (أن الخلوة لا تأثير لها في استقرار المهر، ولا في إيجاب العدة، ولا في قوة قول من يدعي الإصابة) .
وقال أبو حنيفة: (الخلوة كالإصابة في استقرار المهر لها وإيجاب العدة) .
 وقال مالك: (للخلوة تأثير في أنه يقوى بها قول من يدعي الإصابة منهما دون استقرار المهر لها وإيجاب العدة) .
وقال الشافعي في القديم: (للخلوة تأثير) .
فمن أصحابنا من قال: تأثيرها في القديم كقول أبي حنيفة في استقرار المهر وإيجاب العدة.
ومنهم من قال: تأثيرها في القديم كقول مالك. والأول: أصح.
فإذا قلنا بقوله القديم: فوجهه: ما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه قال: (إذا أُرِخِيَ الستر، وأغلق الباب.. فقد وجب المهر، ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم) ، ولأن التمكين من استيفاء المنفعة جعل كاستيفائها في الإجارة، فكذلك في النكاح.
وإذا قلنا بقوله الجديد - وبه قال ابن مسعود، وابن عباس، وهو الأصح - فوجهه: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] [البقرة: ٢٣٧] ، وقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩] [الأحزاب: ٤٩] . ولم يفرق بين أن يكون خلا بها أو لم يخل بها. ولأنها خلوة عريت عن الإصابة، فلم يتعلق بها حكم، كالخلوة في غير النكاح.
 وما روي عن عمر.. يعارضه ما رويناه عن ابن عباس، وابن مسعود، وعلي: أنه يحتمل أنه أراد بقوله: (فقد وجب المهر) أي: فقد وجب تسليم المهر؛ لأنها قد مكنت من نفسها، ولم يرد به الاستقرار.

Al_Bayan Fi Fiqh al_Imam as_Syafi'i II/34-39:

[مسألة عدة وفاة الزوج للحامل والحائل]
وأما عدة المتوفى عنها زوجها: فلا تخلو: إما أن تكون حائلا، أو حاملا.
فإن كانت حائلا.. نظرت:
فإن كانت حرة.. اعتدت عنه بأربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مدخولا بها أو غير مدخول بها؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: ٢٤٠] [البقرة: ٢٣٤] . وهذا أمر بلفظ الخبر، إذ لو كان خبرا.. لم يقع، بخلاف ما أخبر الله تعالى به، ولم يفرق بين الصغيرة والكبيرة، والمدخول بها وغير المدخول بها.
وروت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: أن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا امرأة على زوجها، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا» .
 فإن قيل: فقد ذكر الله الآية بعد هذه الآية، وهي قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: ٢٤٠] [البقرة: ٢٤٠] ، فلم أخذتم بالتي قبلها؟
قلنا: لأن هذه الآية منسوخة بالتي قبلها، والدليل عليها: ما روت أم سلمة: «أن امرأة أتت النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقالت: إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينيها، أفنكحلها؟ فقال النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا - قالها مرتين أو ثلاثا - إنما هي أربعة أشهر وعشرا، وقد كانت إحداكن ترمي بالبعرة في رأس الحول» . فأخبر النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أن العدة كانت حولا، وأنها الآن أربعة أشهر وعشر.
 وأما (البعرة) : فإن أهل الجاهلية كانت المرأة منهم تعتد سنة، ثم إذا انقضت السنة أخذت بعرة، فرمتها، وقالت: خرجت من الأذى كما خرجت هذه البعرة من يدي.
ولأن الله تعالى ذكر في الآية الأخيرة لها النفقة والوصية، وأن لها أن تخرج، ولا خلاف أن هذه الأحكام منسوخة، فكذلك مدة الحول.
وقد روي عن ابن عباس: أنه قال: (المتاع منسوخ بالمواريث، والحول منسوخ بأربعة أشهر وعشر) .
فإن قيل: فكيف نسختها وهي قبلها؟
قلنا: إنما هي قبلها في التأليف والنظم، وهي بعدها في التنزيل، والاعتبار بالناسخ: أن يكون بعد المنسوخ في التنزيل لا في التأليف، وليس تقدمها في التأليف يدل على تقدمها في التنزيل، ألا ترى إلى قَوْله تَعَالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: ١٤٢] [البقرة: ١٤٢] ؟ وإنما أنزلت بعد قوله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: ١٤٤] [البقرة: ١٤٤] ؛ لأن السفهاء إنما قالوا ذلك حين تحول النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بيت المقدس إلى الكعبة. هذا قول عامة العلماء.
وقال الأوزاعي: (تعتد بأربعة أشهر وعشر ليال وتسعة أيام؛ لأن الله تعالى قال: (وعشرا) ، و (العشر) : تستعمل في الليالي دون الأيام) .
دليلنا: أن العرب تستعمل اسم التأنيث وتغلبه في العدد على التذكير خاصة، فتقول: سرنا عشرا، ويريدون به الليالي والأيام.
وإن كانت أمة.. قال الشيخ أبو حامد: ففيه قولان:
 أحدهما: تعتد بشهرين وخمسة أيام بلياليها؛ لأنها على النصف من عدة الحرة فيما يتبعض، والشهور تتبعض.
والثاني: تعتد بأربعة أشهر وعشر؛ لأن الولد يكون أربعين يوما نطفة، وأربعين يوما علقة، وأربعين يوما مضغة، ثم تنفخ فيه الروح ويتحرك، فاعتبر أن تكون عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا؛ ليتبين الحمل بذلك، وهذا لا تختلف فيه الحرة والأمة. والأول هو المشهور.
فإذا انقضت أربعة أشهر وعشر.. فقد انقضت عدتها، سواء حاضت فيها أو لم تحض، وبه قال أبو حنيفة.
وقال مالك: (إذا كانت ممن عادتها أن تحيض في كل شهر.. لم تنقض عدتها حتى تحيض حيضة في الشهر، وإن تأخر حيضها.. لم تنقض عدتها حتى تحيض حيضة) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] [البقرة: ٢٣٤] . ولم يفرق بين أن تحيض فيها أو لا تحيض.
وقوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إلا امرأة على زوجها، فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا» . ولم يفرق.
وإن كانت المتوفى عنها زوجها حاملا بولد يلحق بالزوج.. اعتدت بوضع الحمل، حرة كانت أو أمة، وبه قال عمر، وابن عمر، وأبو هريرة، وإليه ذهب أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأكثر أهل العلم.
وحكي عن علي بن أبي طالب وابن عباس: أنهما قالا: (تنقضي عدتها بأقصى الأجلين من وضع الحمل، أو أربعة أشهر وعشر) .
 دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] [الطلاق: ٤] ولم يفرق بين أن تضع لأربعة أشهر وعشر أو لأقل.
فإن قيل: فالآية في المطلقات؟
قلنا هي عامة في الجميع، بدليل: ما روي: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عن قَوْله تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] فقال: " المتوفى عنها زوجها، والمطلقة» .
وروي: «أن سبيعة الأسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر، فتصنعت للأزواج، فمرت بأبي السنابل بن بعكك، فقال لها: قد تصنعت للأزواج، إنما هي أربعة أشهر وعشر، فأتت النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبرته بذلك، فقال: " كذب أبو السنابل - يعني: غلط - قد حللت، فانكحي من شئت» .
 وقيل: إن أبا السنابل كان قد خطبها وكان شيخا، وخطبها شاب غيره، فرغبت في الشاب دونه، فأراد أبو السنابل أن تصبر حتى يقدم وليها - وكان غائبا - رجاء أن يتزوجها منه.
وإذا وضعت الحمل.. انقضت عدتها، سواء اغتسلت من النفاس أو لم تغتسل.
وقال الأوزاعي: (لا تنقضي عدتها حتى تغتسل من النفاس) .
دليلنا: عموم الآية، وعموم الخبر.

Matan Abi Syujaa' I/35:

 "فصل" والمعتدة على ضربين متوفى عنها وغير متوفى عنها فالمتوفى عنها إن كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل وإن كانت حائلا فعدتها أربعة أشهر وعشر وغير المتوفى عنها إن كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل وإن كانت حائلا وهي من ذوات الحيض فعدتها ثلاثة قروء وهي الأطهار وإن كانت صغيرة أو آيسة فعدتها ثلاثة أشهر والمطلقة قبل الدخول بها لا عدة عليها وعدة الأمة بالحمل كعدة الحرة وبالإقراء أن تعتد بقرأين وبالشهور عن الوفاة أن تعتد بشهرين وخمس ليال وعن الطلاق أن تعتد بشهر ونصف فإن اعتدت بشهرين كان أولى.

Minhaaj at_Tholibin I/253:

كتاب العدد
عدة النكاح ضربان الأول متعلق بفرقة حي بطلاق وفسخ وإنما تجب بعد وطء أو استدخال منيه وإن تيقن براءة الرحم لا بخلوة في الجديد

An_Najm al_Wahhaj Fi Syarh al_Minhaj VIII/123-151:

قال: (عدة النكاح ضربان)؛ لأنها قد تتعلق بالنكاح ووطء الشبهة, وهي المشهورة باسم الاستبراء, فلذلك عقبها به.
قال: (الأول متعلق بفرقة حي بطلاق أو فسخ)؛ بقوله تعالى: {والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} والفسخ في معنى الطلاق, وكذلك اللعان صرح به في (المحرر) و (الروضة) , وحذفه المصنف؛ لدخوله في الفسخ, ولئلا يوهم أن فرقته ليست فرقة فسخ, لكن يرد عليهما وطء الشبهة.
وخرج بقوله: (وإنما تجب بعد الوطء) فإن طلقت قبله .. لم تجب؛ لقوله تعالى: إذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} , وسواء كان الوطء في حال الصبا أو بعده, وسواء كان الواطئ مختارًا أو مكرهًا, عاقلًا أو مجنونًا, في القبل أو الدبر, وفي الدبر وجه.
وضبط المتولي الوطء بكونه لا يوجب الحد على الواطئ, ليدخل وطء الشبهة والنكاح الفاسد, قال: حتى إن المجنون لو زنى بعاقلة .. يجب عليها العدة؛ لأن الجنون أبلغ في العذر من الغلط, وكذا المراهق إذا زنى بامرأة .. عليها العدة, وكذا المكره على الزنا؛ لأنا جعلناه عذرًا في إسقاط الحد فصار الماء محترمًا.
قال: (أو استدخال منيه) فيقوم مقام الدخول في وجوب العدة, وكذا في ثبوت النسب؛ لأنه أقرب إلى العلوق من تغييب الحشفة, ولا اعتبار بقول الأطباء: إن المني إذا ضربه الهواء .. لا ينعقد منه ولد؛ فإن الله على كل شيء قدير.
وفي وجه: أن الاستدخال لا يوجب العدة؛ إعراضًا عن النظر إلى شغل الرحم, وإدارة للحكم على الإيلاج.
وحكى الماوردي عن الأصحاب: أن شرط وجوب العدة ولحوق النسب باستدخال ماء لزوج: أن يوجد الإمزال والاستدخال معًا في الزوجية, فلو أنزل ثم تزوجها فاستدخلت الماء .. لم تجب العدة ولم يلحق الولد.
ولو أنزل وهي زوجة ثم أبانها واستدخلت .. لم تجب ولم يلحق. اهـ
ويشترط أن يكون إنزاله الماء يسبب محترم, فلو أنزله بزنا فاستدخلته زوجته .. لم تجب العدة, واستدخالها مني من تظنه زوجًا كوطء الشبهة, قاله الرافعي هنا, وفيه نظر؛ فإن الاعتبار في وجوب العدة بالاشتباه عليه لا عليها.
قال: (وإن تيقن براءة الرحم) هذا متعلق بقوله: (بعد وطء) أي: وإن تيقنا أن الوطء غير شاغل للرحم كوطء صبي في سن لا يولد له أو طفلة لا تحبل؛ لعموم قوله تعالى: {مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} فيكفي جريان سبب الشغل وهو الإيلاج؛ لظهوره, لا الشغل وهو المني؛ لخفائه.
قال: (لا بخلوة في الجديد)؛ للآية المتقدمة, سواء باشرها فيما دون الفرج أم لا؛ لأن القصد من العدة معرفة البراءة, وهي منتفية مه انتفاء المظنة, وفي القديم قولان:
أحدهما: أن الخلوة توجبها؛ لقول عمر وعلي: إذا أغلق بابًا وأرخي سترًا .. فلها الصداق كاملًا وعليها العدة.
 والثاني: أنها ترجيح قول مدعي الوطء.
وزوجة الممسوح لا عدة عليها بناء على الأصج: أن الولد لا يلحقه.
قال: (وعدة حرة ذات أقراء ثلاثة)؛ لقوله تعالى {والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} , وسواء في ذلك المختلعة وغيرها؛ لما روى أبو داوود والحاكم والبيهقي [٧/ ٤٥٠] عن ابن عمر أنه قال: (عدة المختلعة عدة المطلقة) وهو قول سعيد بن المسيب وسعيد بن يسار والزهري والشعبي وجماعة.
وأما ما رواه عكرمة عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه, فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة .. فجوابه: أن عبد الرازق [١١٨٥٨] أرسله عن معمر, وبه قال أحند وابن اللبان الفرضي, وأجاب البيهقي [٧/ ٤٥٠] بأن ظاهر القرآن في عدة المطلقات يتناولها وغيرها, فهو أولى.
وشملت عبارة المصنف: ما إذا شربت دواء حتى حاضت, وهو كذلك, كم تسقط الصلاة عنها به.
وروي عن سعيد بن منصور عن ابن عمر: أنه سئل تشرب الدواء ليرتفع حيضها حتى تطوف وتنفر .. فلم ير بذلك بأسًا, وبعث لهن ماء الأراك.
قال: (والقرء: الطهر)؛ لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}؛ أي: في زمن عدتهن كقوله تعالى: {ونَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ}.
وقال صلى الله عليه وسلم لما طلق ولده امرأته وهي حائض: (مره فليراحعها) إلى أن قال: (ثم إن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) فدلت الآية والخبر على الإذن في الطلاق في العدة, ومعلوم: أن الطلاق في الحيض حرام.
واقتدى الشافعي في ذلك بزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم, واستدل الماوردي وغيره من العراقيين بأن الله تعالى أثبت الهاء فيها, والهاء إنما تثبت في جمع المذكر دون جمع المؤنث, فقال: ثلاث حيض وثلاثة أطهار, وهو استدلال ضعيف.
وكان الشافعي يرى أولًا أنه الحيض, وأبة عبيد القاسم بن سلام يرى أنه الطهر, فتناظرا فلم يزل كل واحد منهما يقرر قوله حتى انتحل كل منهما مذهب الآخر, وهذا يقتضي أن يكون للشافعي قول جديد أو قديم يوافق مذهب أبي حنيفة.
واختلف أهل اللغة فيه, فقبل: إنه حقيقة في الطهر مجاز في الحيض, وقيل عكسه, والأصح عندنا: أنه مشترك بينهما, وحكى ابن الحاجب فيه إجماع أهل اللغة, والمشهور عندهم: فتح قافه, ويجوز ضمها, ومن جعل الفتح للطهر والضم للحيض لا تحقيق عنده.
قال: (فإن طلقت طاهرًا .. انقضت بالطعن في حيضة ثالثة)؛ لأن بعض الطهر وإن قل يصدق عليه اسم قرء.
قال: (أو حائضًا .. ففي رابعة)؛ لأن الظاهر أن الذي ظهر فيكون الطهر قبله قد كمل, فانقضت العدة بالثلاثة الأقراء.
وروي ذلك عن عائشة وزيد بن ثابت وعثمان وابن عمر, ولأن الشيئين وبعض الثالث يطلق عليها أشياء, قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} والمراد شوال وذو القعدة وبعض ذي الحجة, فلا فرق في الاعتداد بالبقية بين أن يكون قد جامعها فيه أو لم يجامعها, فإن قيل: إطلاق الثلاث على ذلك مجاز .. قلنا: يتعين الحمل عليه هنا؛ لأن المنع من الطلاق في الحيض إنما كان لئلا تطول عدتها, وسواء جامعها في ذلك الطهر أم لا.
قال: (وفي قول: يشترط يوم وليلة) أي: (بعد الطعن) في الحيضة الثالثة؛ لجواز أن يكون ذلك دم فساد فلا تنقضي بالشك, والأصح: أنا نتبين بذلك الانقضاء لا أنه من نفس العدة, فلا تصح فيه الرجعة ويصح نكاحها غيره.
 _الى ان قال_قال: (فصل:
عدة حرة حائل لوفاة وإن لم توطأ .. أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها) هذا هو الضرب الثاني من العدة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}.
وكانت هذه العدة في ابتداء الإسلام سنة؛ لقوله تعالى: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ثم نسخت.
ويستوي فيها الصغيرة والكبيرة، وذات الأقراء وغيرها، والمدخول بها وغيرها أخذًا بإطلاق الآية.
وإنما قال: (بلياليها) للتنبيه على معنى الآية، وهذا الحكم لا يختص بالحائل، بل لو كانت حاملًا والحمل غير لاحق بالزوج .. فالحكم كذلك.
والمعتبر في المدة الأشهر الهلالية، وتكمل المنكسر بالعدد، وقيل: إذا انكسر شهر .. اعتبر الجميع بالعدد كما تقدم.
قال: (وأمة: تصفها) وهو شهران وخمس ليال؛ لأن العدة أمر ذو عدد فوجب أن لا تساوي فيه الأمة الحرة كالحدود، وحكي أبو حامد قولًا غريبًا: أنها كالحرة؛ لأن الولد يكون نطفة أربعين يومًا وعلقة كذلك ومضغة كذلك، ثم تنفخ فيه الروح ويتحرك، فاعتبر أن تعتد المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر ليتبين الحمل بذلك ويتحرك، وهذا لا فرق فيه بين الحرائر والإماء، وقد سبق أنه لو وطىء أمة على ظن أنها زوجته الحرة .. اعتدت عدة حرة، فينبغي أن يكون هنا مثله.
وأما المبعضة .. فالظاهر أنها كالقنة، ويحتمل أن يأتي فيها خلاق كما قالوه في حد الزنا والقذف.
فرع:
عدة الوفاة وغيرها تختص بالنكاح الصحيح، فلو نكح فاسدًا، فإن مات قبل الدخول .. فلا عدة، وإن جرى دخول ثم مات أو فرق القاضي بينهما .. فتعتد للدخول كما تعتد عن وطء الشبهة.

Kifaayah al_Akhyar I/423-427:

قَالَ
بَاب الْعدة فصل والمعتدة ضَرْبَان متوفي عَنْهَا زَوجهَا وَغير متوفي فالمتوفى عَنْهَا إِن كَانَت حَامِلا فعدتها بِوَضْع الْحمل وَإِن كَانَت حَائِلا فعدتها أَرْبَعَة أشهر وَعشر
الْعدة اسْم لمُدَّة مَعْدُودَة تَتَرَبَّص فِيهَا الْمَرْأَة ليعرف بَرَاءَة رَحمهَا وَذَلِكَ يحصل بِالْولادَةِ تَارَة وبالأشهر أَو الْأَقْرَاء أُخْرَى وَلَا شكّ أَن الْمُعْتَدَّة على ضَرْبَيْنِ متوفى عَنْهَا زَوجهَا وَغَيرهَا فالمتوفي عَنْهَا زَوجهَا تَارَة تكون حَامِلا وَتارَة تكون حَائِلا فَإِن كَانَت حَامِلا فعدتها بِوَضْع الْحمل بِشُرُوط نذكرها فِيمَا بعد فِي عدَّة الطَّلَاق وَلَا فرق بَين أَن يتعجل الْوَضع أَو يتَأَخَّر قَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَظَاهر الْآيَة يَقْتَضِي وجوب الِاعْتِدَاد بالمدة وَإِن كَانَت حَامِلا لَكِن ثَبت أَن سبيعة الأسْلَمِيَّة ولدت بعد وَفَاة زَوجهَا بِنصْف شهر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حللت فَانْكِحِي من شِئْت وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَو وضعت وَزوجهَا على السرير حلت ثمَّ لَا فرق فِي عدَّة الْحمل بَين الْحرَّة وَالْأمة وَإِن كَانَت حَائِلا أَو حَامِلا بِحمْل لَا يجوز أَن يكون مِنْهُ اعْتدت الْحرَّة بأَرْبعَة أشهر وَعشر لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} أخرجت الْحَامِل مِنْهُ بِدَلِيل فَبَقيَ مَا عدا ذَلِك على عُمُومه وَأما الْحَامِل من غَيره فَلَا يُمكن الِاعْتِدَاد بِهِ ثمَّ لَا فرق فِي ذَلِك بَين الصَّغِيرَة والكبيرة وَذَات الْأَقْرَاء وَغَيرهَا وَلَا فرق بَين زَوْجَة الصَّبِي والممسوح وَغَيرهمَا وَتعْتَبر الْأَشْهر بِالْأَهِلَّةِ مَا أمكن وَاعْلَم أَن عدَّة الْوَفَاة تخْتَص بِالنِّكَاحِ الصَّحِيح فَلَو نكحت فَاسِدا وَمَات قبل الدُّخُول فَلَا عدَّة وَإِن دخل ثمَّ مَاتَ أَو فرق بَينهمَا اعْتدت للدخول كَمَا تَعْتَد عَن الشُّبْهَة وَالله أعلم قَالَ
(وَغير المتوفي عَنْهَا زَوجهَا إِن كَانَت حَامِلا فعدتها بِوَضْع الْحمل وَإِن كَانَت حَائِلا من ذَوَات الْحيض فعدتها بِالْأَقْرَاءِ وَهِي الإطهار وَإِن كَانَت صَغِيرَة أَو آيسة فعدتها ثَلَاثَة أشهر)
هَذَا هُوَ الضَّرْب الثَّانِي وَهُوَ عدَّة غير الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وَلَا شكّ أَنَّهَا أَصْنَاف إِمَّا ذَات حمل وَإِمَّا ذَات أَقراء وَإِمَّا ذَات أشهر الصِّنْف الأول ذَات الْحمل وعدتها بِوَضْع الْحمل لعُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} لَكِن للاعتداد بذلك شَرْطَانِ
أَحدهمَا كَون الْوَلَد مَنْسُوبا إِلَى من الْعدة مِنْهُ إِمَّا ظَاهرا وَإِمَّا احْتِمَالا كالنفي بِاللّعانِ فَإِذا لَاعن حَامِلا وَنفى الْوَلَد الَّذِي هُوَ حمل انْقَضتْ عدتهَا بِوَضْعِهِ لِإِمْكَان كَونه مِنْهُ أما إِذا لم يُمكن كَونه مِنْهُ بِأَن مَاتَ صبي لَا ينزل وَامْرَأَته حَامِل فَلَا تَنْقَضِي عدتهَا بِوَضْع الْحمل على الْمَذْهَب والخصي الَّذِي يبْقى ذكره كالفحل فِي لُحُوق الْوَلَد على الْمَذْهَب فتنقضي الْعدة مِنْهُ بِوَضْعِهِ سَوَاء فِيهِ عدَّة الطَّلَاق أَو الْوَفَاة وَأما من جب ذكره وَبَقِي أنثياه فيلحقه الْوَلَد فَتعْتَد امْرَأَته عَن الْوَفَاة بِوَضْع الْحمل وَلَا يلْزمهَا عدَّة الطَّلَاق لعدم الدُّخُول وَالله أعلم
الشَّرْط الثَّانِي أَن تضع الْحمل بِتَمَامِهِ فَإِن كَانَ الْحمل توأمين فَلَا بُد من وضعهما وَلَا تَنْقَضِي الْعدة بِخُرُوج بعض الْوَلَد لَو بَقِي الْبَعْض مُتَّصِلا كَانَ أَو مُنْفَصِلا وطلق لحقه الطَّلَاق وَلَو مَاتَ وَورثه ثمَّ مَتى انْفَصل الْوَلَد بِتَمَامِهِ انْقَضتْ الْعدة حَيا كَانَ أَو مَيتا وَلَا تَنْقَضِي بِإِسْقَاط الْعلقَة وَالدَّم وَإِن سَقَطت مُضْغَة نظر إِن ظهر فِيهَا شَيْء من صُورَة الْآدَمِيّ كيد أَو أصْبع أَو ظفر أَو غَيرهَا فتنقضي الْعدة وَإِن لم يظْهر شَيْء من صُورَة الْآدَمِيّ لكل أحد لَكِن قَالَ القوابل فِيهِ صُورَة خُفْيَة وَهِي بَيِّنَة لنا وَإِن خفيت على غَيرنَا فَتقبل شَهَادَتهنَّ وَيحكم بِانْقِضَاء الْعدة وَسَائِر الْأَحْكَام وَإِن لم تكن صُورَة ظَاهِرَة وَلَا خُفْيَة يعرفهَا القوابل إِلَّا أَنَّهُنَّ قُلْنَ إِنَّه أصل آدَمِيّ وَلَو بَقِي لتصور وَخلق فالنص أَن الْعدة تَنْقَضِي بِهِ وَهُوَ الْمَذْهَب وَإِن كَانَت لَا تجب بِهِ غرَّة على النَّص وَلَا يثبت بِهِ الِاسْتِيلَاد لِأَن المُرَاد من الْعدة بَرَاءَة الرَّحِم وَقد حصلت وَالْأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة من الْعدة وأمومة الْوَلَد إِنَّمَا تثبت تبعا للْوَلَد وَلَو شكت القوابل فِي أَنه لحم آدَمِيّ أم لَا لم يثبت شَيْء من هَذِه الْأَحْكَام بِلَا خلاف وَلَو اخْتلف الزَّوْج وَهِي فَقَالَت كَانَ السقط الَّذِي وَضعته مِمَّا تَنْقَضِي بِهِ الْعدة وَأنكر الزَّوْج وضع السقط فَالْقَوْل قَوْلهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّهَا مَأْمُونَة فِي الْعدة وَالله أعلم
النَّوْع الثَّانِي ذَات الْأَقْرَاء والأقراء جمع قرء بِفَتْح الْقَاف وَيُقَال بضَمهَا قَالَ النَّوَوِيّ وَزعم بَعضهم أَنه بِالْفَتْح للطهر وبالضم للْحيض ويقعان على الطُّهْر وَالْحيض فِي اللُّغَة على الصَّحِيح وَالصَّحِيح أَنه حَقِيقَة فيهمَا وَقيل إِنَّه حَقِيقَة فِي الطُّهْر مجَاز فِي الْحيض وَاخْتلف فِي المُرَاد بِالطُّهْرِ هُنَا وَالْأَظْهَر أَنه المحتوش بدمين وَقيل إِنَّه مُجَرّد الِانْتِقَال من الطُّهْر إِلَى الْحيض وَالْمَذْكُور فِي أول الطَّلَاق أَنه لَو قَالَ للَّتِي لم تَحض قطّ أَنْت طَالِق فِي كل قرء طَلْقَة تطلق فِي الْحَال على مَا قَالَه الْأَكْثَرُونَ وَفِيه مُخَالفَة للمذكور هُنَا قَالَ الرَّافِعِيّ وَيجوز أَن يَجْعَل ترجيحهم للوقوع فِي تِلْكَ الصُّورَة لِمَعْنى يَخُصهَا لَا لرجحان القَوْل بِأَن الطُّهْر هُوَ الِانْتِقَال إِذا عرفت هَذَا فَلَو طَلقهَا وَقد بَقِي من الطُّهْر بَقِيَّة حسبت تِلْكَ الْبَقِيَّة قرءا سَوَاء كَانَ جَامعهَا فِي تِلْكَ الْبَقِيَّة أم لَا فَإِذا حَاضَت ثمَّ ظَهرت ثمَّ حَاضَت ثمَّ طهرت ثمَّ شرعت فِي الْحيض انْقَضتْ عدتهَا على الْأَظْهر لِأَن الظَّاهِر أَنه دم حيض وَقيل لَا بُد من مُضِيّ يَوْم وَلَيْلَة فعلى الْأَظْهر لَو انْقَطع الدَّم لدوّنَ يَوْم وَلَيْلَة وَلم يعد حَتَّى مَضَت خَمْسَة عشر يَوْمًا تَبينا أَن الْعدة لم تنقض ثمَّ لَحْظَة رُؤْيَة الدَّم أَو الْيَوْم وَاللَّيْلَة هَل هما من نفس الْعدة أم يتَبَيَّن بهما الإنقضاء وليستا من الْعدة وَجْهَان أصَحهمَا الثَّانِي فَإِن جَعَلْنَاهُ من الْعدة صحت فِيهِ الرّجْعَة وَلَا يَصح نِكَاحهَا لأَجْنَبِيّ فِيهِ وَإِلَّا انعكس الحكم وَالله أعلم
النَّوْع الثَّالِث من لم تَرَ دَمًا إِمَّا لصِغَر أَو اياس أَو بلغت سنّ الْحيض وَلم تَحض فَعدَّة هَؤُلَاءِ بِالْأَشْهرِ قَالَ الله تَعَالَى {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} يَعْنِي كَذَلِك قَالَ أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أول مَا نزل من الْعدَد {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} فارتاب نَاس فِي عدَّة الصغار والآيسات فَأنْزل الله تَعَالَى {وَاللَّائِي يَئِسْنَ} الْآيَة وَاخْتلف فِي سنّ الاياس فالأشهر أَنه اثْنَان وَسِتُّونَ سنة وَقيل سِتُّونَ وَقيل خَمْسُونَ وَقيل تسعون قَالَ السَّرخسِيّ ورأينا امْرَأَة حَاضَت لتسعين وَبِمَ يعْتَبر اياسها قيل بإياس أقاربها من الْأَبَوَيْنِ لتقاربهن فِي الطَّبْع وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَرجحه الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر وَقيل نسَاء عصباتها كمهر الْمثل فعلى الْمُرَجح لَو اختلفن فَهَل يعْتَبر أقلهن أَو أكثرهن فِيهِ خلاف وَقيل يعْتَبر إِيَاس جَمِيع النِّسَاء أَي أقْصَى إياسهن لتحَقّق الاياس وَهَذَا هُوَ الْأَصَح عِنْد النَّوَوِيّ وَغَيره وَإِلَيْهِ ميل الْأَكْثَرين كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَلَا يمكننا طواف الْعَالم وَإِنَّمَا المُرَاد بِمَا بلغنَا خَبره وَقيل الْمُعْتَبر سنّ الاياس غَالِبا لَا أقصاه وعَلى الْوَجْهَيْنِ هَل الْمُعْتَبر نسَاء زمانها أم نسَاء أَي زمن كَانَ الَّذِي فِي الْإِبَانَة والتتمة وَتَعْلِيق القَاضِي حُسَيْن الأول وَغَيرهم لم يتَعَرَّضُوا إِلَى ذَلِك وَقيل يعْتَبر اياس نسَاء بَلَدهَا لِأَن للأهوية تَأْثِيرا فَلَو اخْتلفت عادتهن اعْتبرنَا أقصاهن وَالله أعلم_الى ان قال_ قَالَ
(والمطلقة قبل الدُّخُول لَا عدَّة عَلَيْهَا)
الْمُطلقَة قبل الدُّخُول بهَا إِن لم تحصل خلْوَة فَلَا عدَّة عَلَيْهَا بِلَا خلاف بل بالِاتِّفَاقِ وَإِن طَلقهَا بعد الْخلْوَة بهَا سَوَاء بَاشَرَهَا فِيمَا دون الْفرج أم لَا فَفِيهِ قَولَانِ الْأَظْهر أَنه لَا عدَّة عَلَيْهَا لقَوْله تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} وَلِأَن الْبَرَاءَة متحققة وَقيل تجب الْعدة لقَوْل عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا إِذا أغلق بَابا وأرخى سترا فلهَا الصَدَاق كَامِلا وَعَلَيْهَا الْعدة
وَاعْلَم أَن زَوْجَة الْمَجْبُوب الذّكر الْبَاقِي الانثيين لَا عدَّة عَلَيْهَا إِن كَانَت حَائِلا لِاسْتِحَالَة الْإِيلَاج وَإِن كَانَت حَامِلا لحقه الْوَلَد عَلَيْهَا الْعدة وَزوج الْمَمْسُوح لَا عدَّة عَلَيْهَا بِنَاء على الْأَصَح أَن الْوَلَد لَا يلْحقهُ وَالله أعلم قَالَ
(وعدة الْأمة كعدة الْحرَّة فِي الْحمل وبالاقراء تَعْتَد بقرءين وبالشهور عَن الْوَفَاة بشهرين وَخمْس لَيَال وَعَن الطَّلَاق بِشَهْر وَنصف)
الْأمة الْمُطلقَة إِن كَانَت حَامِلا فعدتها بِوَضْع الْحمل لعُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَلِأَن الْحمل لَا يَتَبَعَّض فَأشبه قطع السّرقَة وَإِن كَانَت من ذَوَات الْأَقْرَاء اعْتدت بقرءين لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُطلق العَبْد طَلْقَتَيْنِ وَتعْتَد الْأمة حيضتين وَهُوَ مُخَصص لعُمُوم الْآيَة وَلِأَنَّهَا على النّصْف فِي الْقسم وَالْحَد إِلَّا أَنه لَا يُمكن تنصيف الْقُرْء فكمل الثَّانِي كَمَا كمل طَلَاق العَبْد بثنتين وَلِأَن اسْتِبْرَاء الزَّوْجَة الْحرَّة بِثَلَاثَة أَقراء لكمالها بِالْحُرِّيَّةِ وَالْعقد واستبراء الْأمة الْمَوْطُوءَة بِالْملكِ بِحَيْضَة لنقصانها برقها فَكَانَ اسْتِبْرَاء الْأمة الْمَنْكُوحَة بَينهمَا لوُجُود العقد دون الْحُرِّيَّة وَإِن كَانَت من ذَوَات الْأَشْهر فَفِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحدهَا ثَلَاثَة أشهر لعُمُوم الْآيَة وَلِأَنَّهُ أقل زمن تظهر فِيهِ أَمَارَات الْحمل من التحرك وَكبر الْبَطن فَإِذا لم يظْهر ذَلِك علمت الْبَرَاءَة
وَالثَّانِي شَهْرَان بَدَلا عَن الْقُرْأَيْنِ كَمَا كَانَت الْأَشْهر الثَّلَاثَة للْحرَّة بَدَلا عَن الْأَقْرَاء
وَالثَّالِث شهر وَنصف لتجري على الصِّحَّة فِي التنصيف كعدة الْوَفَاة وَهَذَا هُوَ الْأَصَح وَبِه جزم الشَّيْخ وَاعْلَم أَن أم الْوَلَد وَالْمُكَاتبَة والمبعضة كالقنة فِيمَا ذكرنَا وَالله أعلم

Fath al_Wahhab II/126-130:

" تَجِبُ عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ " بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غيره " دخل منيه المحترم أو وطىء " فِي فَرْجٍ " وَلَوْ فِي دُبُرٍ " بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولُ مَنِيٍّ وَلَا وَطْءٌ وَلَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} ١ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ بِدُخُولِ مَنِيِّهِ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْوَطْءِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الْمُحْتَرَمَ غَيْرُهُ بِأَنْ يُنْزِلَ الزَّوْجُ مَنِيَّهُ بِزِنًا فَتُدْخِلَهُ الزَّوْجَةُ فَرْجَهَا " أَوْ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ رَحِمٍ " كَمَا فِي صَغِيرٍ أَوْ صَغِيرَةٍ فَإِنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّ الْإِنْزَالَ الَّذِي بِهِ الْعُلُوقُ خَفِيٌّ يَعْسُرُ تَتَبُّعُهُ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ إدْخَالُ الْمَنِيِّ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ " فَعِدَّةُ حُرَّةٍ تَحِيضُ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ " وَلَوْ جَلَبَتْ الْحَيْضَ فِيهَا بِدَوَاءٍ قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ٢ وَلَوْ مُسْتَحَاضَةً غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ فَتَعْتَدُّ بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ هي إليها مِنْ عَادَةٍ وَتَمْيِيزٍ وَأَقَلِّ حَيْضٍ كَمَا مَرَّتْ في بابه.
" والقرء " المراد به هُنَا " طُهْرٌ بَيْنَ دَمَيْنِ " أَيْ دَمُ حَيْضَيْنِ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ نِفَاسَيْنِ أَخْذًا مِنْ قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ٣ أَيْ فِي زَمَنِهَا وَهُوَ زَمَنُ الطُّهْرِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ حَرَامٌ كَمَا مَرَّ وَزَمَنُ الْعِدَّةِ يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ وَالْقَرْءُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ مَا فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الطُّهْرِ مَجَازٌ فِي الْحَيْضِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ وَأَقْرُؤٍ " فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا " وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ " انْقَضَتْ " عِدَّتُهَا " بِطَعْنٍ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ " لِحُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ بِذَلِكَ بِأَنْ يُحْسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ الذي طلقت فيه قرءا وَطِئَ فِيهِ أَمْ لَا وَلَا بُعْدَ فِي تَسْمِيَةِ قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ كَمَا فسر قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ٤ بِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحِجَّةِ " أَوْ " طَلُقَتْ " حَائِضًا " وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الْحَيْضِ شَيْءٌ " فَفِي رَابِعَةٍ " أَيْ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ لِتَوَقُّفِ حُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَى ذَلِكَ وَزَمَنُ الطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِ انْقِضَاؤُهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَخَرَجَ بِالطُّهْرِ بَيْنَ دَمَيْنِ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ تَنْفَسْ فَلَا يُحْسَبُ قَرْءًا.
" وَ " عِدَّةُ حُرَّةٍ " مُتَحَيِّرَةٍ " وَلَوْ مُتَقَطِّعَةَ الدَّمِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي " طَلُقَتْ أول شهر " كأن علق الطلاق به " ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ " هِلَالِيَّةٍ " حَالًا " لَا بَعْدَ الْيَأْسِ لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ وَحَيْضٍ غَالِبًا مَعَ عِظَمِ مَشَقَّةِ الصَّبْرِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ أما لو طلقت.
فِي أَثْنَائِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حُسِبَ قَرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ فَتَكْمُلُ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّ لم يحسب قرءا لاحتمال أنه حَيْضَ فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٍ " وَ " عِدَّةُ " غَيْرِ حُرَّةٍ " تَحِيضُ وَلَوْ مُبَعَّضَةً أَوْ مستحاضة غير متحيرة " قراءن " لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقَرْءَ الثَّانِي لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِهِ كَالطَّلَاقِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِظَارِ إلَى أَنْ يَعُودَ الدَّمُ " فَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ فَكَحُرَّةٍ " فَتُكَمِّلُ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطلاق بخلاف ما إذا اعتقت فِي عِدَّةِ بَيْنُونَةٍ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ " وَ " عِدَّةُ غَيْرِ حُرَّةٍ " مُتَحَيِّرَةٍ بِشَرْطِهَا " السَّابِقِ وَهُوَ أَنْ تَطْلُقَ أَوَّلَ شَهْرٍ " شَهْرَانِ " فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَائِهِ وَالْبَاقِي أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ حُسِبَ قَرْءًا فَتُكَمِّلُ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ هِلَالِيٍّ وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ قَرْءًا فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبَارِزِيِّ فِي اكْتِفَائِهِ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَ " عِدَّةُ " حُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ " مِنْ الْحَيْضِ " ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ " هِلَالِيَّةٍ بِأَنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} ١ أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ " فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ كَمَّلَتْهُ مِنْ الرَّابِعِ ثَلَاثِينَ " يَوْمًا سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا " وَ " عِدَّةُ " غَيْرِ حُرَّةٍ " لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ " شَهْرٌ وَنِصْفٌ " لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ حُرَّةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَمَةٍ " وَمَنْ انقطع دمها " من حرة أو غيرها " وَلَوْ بِلَا عِلَّةٍ " تُعْرَفُ " تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ " فَتَعْتَدَّ بِأَقْرَاءٍ " أَوْ تَيْأَسُ " فَبِأَشْهُرٍ وَإِنْ طَالَ صبرها إنَّمَا شُرِعَتْ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَلِلْآيِسَةِ وَهَذِهِ غَيْرُهُمَا " فَلَوْ حَاضَتْ مَنْ لَمْ تَحِضْ " مِنْ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا " أَوْ " حَاضَتْ " آيِسَةٌ " كَذَلِكَ " فِيهَا " أَيْ فِي الْأَشْهُرِ " فَبِأَقْرَاءٍ " تَعْتَدُّ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ قَدِرَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ بَدَلِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَيْهَا كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ فَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَهَا الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ حَيْضَهَا حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِدْقَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عِنْدَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ أَوْ الثَّانِيَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ ذَكَرْتُهُ بِقَوْلِي " كَآيِسَةٍ حَاضَتْ بَعْدَهَا وَلَمْ تَنْكِحْ " زَوْجًا آخَرَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ آيِسَةً فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ظَاهِرًا مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا وَلِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَمَا إذَا قَدَرَ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ الْحُرَّةِ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَالْمُعْتَبَرُ " فِي الْيَأْسِ " يَأْسُ كُلِّ النِّسَاءِ " بِحَسَبِ مَا يَبْلُغُنَا خبره لاطوف نِسَاءِ الْعَالَمِ وَلَا يَأْسُ عَشِيرَتِهَا فَقَطْ وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً وَقِيلَ سِتُّونَ وَقِيلَ خَمْسُونَ " و " عدة " حامل وَضْعُهُ " أَيْ الْحَمْلِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بَعْدَ عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى الْبَرَاءَةِ ظَنًّا وَالْحَمْلُ يَدُلُّ عَلَيْهَا قَطْعًا "حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ" وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا فِي الْبَابِ قَالَ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ٢ فَهُوَ مُخَصِّصُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ٣ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِوَضْعِ الْحَمْلِ " وَلَوْ " كَانَ " مَيِّتًا أَوْ مُضْغَةً تُتَصَوَّرُ " لَوْ بَقِيَتْ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهَا قَوَابِلُ لِظُهُورِهَا عِنْدَهُنَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً عِنْدَ غَيْرِهِنَّ أَيْضًا لِظُهُورِ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ أو ظفر أو غيرهما وَذَلِكَ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لو شككن في أنها لحم آدمي وَبِخِلَافِ الْعَلَقَةِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَمْلًا وَلَا عُلِمَ كَوْنُهَا أَصْلَ آدَمِيٍّ هَذَا " إنْ نُسِبَ " الْحَمْلُ " إلَى ذِي عِدَّةٍ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بلعان " فلولا عن حَامِلًا وَنَفَى الْحَمْلَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ وَإِنْ انتفى عنه ظاهر الإمكان كَوْنِهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهِ كَأَنْ مَاتَ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَمْسُوحٌ وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ فَلَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ " وَلَوْ ارْتَابَتْ " أَيْ شَكَّتْ وَهِيَ " فِي عِدَّةٍ فِي " وُجُودِ " حَمْلٍ " لِثِقَلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهُمَا " لم تنكح " آخر " حتى تزول الريبة " فإن نكحت بالنكاح بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ " أَوْ " ارْتَابَتْ " بَعْدَهَا " أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ " سُنَّ صَبْرٌ " عَنْ النِّكَاحِ " لِتَزُولَ " الرِّيبَةُ وَالتَّصْرِيحُ بِالسَّنِّ مِنْ زِيَادَتِي.
" فَإِنْ نَكَحَتْ " قَبْلَ زَوَالِهَا " أَوْ ارْتَابَتْ بَعْدَ نكاح " لآخر " لَمْ يَبْطُلْ " أَيْ النِّكَاحُ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا " إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ إمْكَانِ عُلُوقٍ " بَعْدَ عَقْدِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مِنْ عَقْدِهِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الثَّانِي تَأَخَّرَ فَهُوَ أَقْوَى وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِي قَدْ صَحَّ ظَاهِرًا فَلَوْ أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَبَطَلَ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِ مَا صَحَّ بِالِاحْتِمَالِ وَكَالثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ لَحِقَ بِالْوَاطِئِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ والعدة عنه ظاهرا ذكره فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
" وَلَوْ فَارَقَهَا " فِرَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا " فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ " فَأَقَلَّ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَلَمْ تَنْكِحْ آخَرَ أَوْ نَكَحَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثاني بقرينة ما يأتي " لحقه " الولد بِخِلَافِ مَا لَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يَبْلُغُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَهُوَ أَكْثَرُ مُدَّتِهِ كَمَا اُسْتُقْرِئَ وَاعْتِبَارِي لِلْمُدَّةِ فِي هَذِهِ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ لَا مِنْ الْفِرَاقِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ حَيْثُ قَالَا فِيمَا أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلٌ وَالْقَوِيمُ مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ التَّمِيمِيُّ مُعْتَرِضًا عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَمُرَادُهُمَا بِأَنَّهُ قَوِيمٌ أَنَّهُ أَوْضَحُ مِمَّا قَالُوهُ وَإِلَّا فَمَا قَالُوهُ صَحِيحٌ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِالْأَرْبَعِ فِيهَا الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ الَّتِي هِيَ مُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَرْبَعُ بدون زمن الوضع قلا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا يُورَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى نَظِيرِهَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ.
" فَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ " انْقِضَاءِ " عِدَّتِهَا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ " فَأَكْثَرَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْعَقْدِ " لَحِقَ الثَّانِيَ " وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا ارْتَابَتْ " وَلَوْ نَكَحَتْ " آخَرَ " فِيهَا " أَيْ فِي عِدَّتِهَا " فَاسِدًا وَجَهِلَهَا الثَّانِي فَوَلَدَتْ لِإِمْكَانٍ مِنْهُ " دُونَ الْأَوَّلِ " لَحِقَهُ " بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ وَالثَّانِي يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ " أَوْ " لِإِمْكَانٍ " مِنْ الْأَوَّلِ " دُونَ الثَّانِي " لَحِقَهُ " بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ ثَانِيًا لِلثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْفَصْلِ الْآتِي " أَوْ " لِإِمْكَانٍ " مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ " وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَحُكْمُهُ مَا مَرَّ فِيهِ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ أَوْ لم يكن ثم قائف انتظر بلوغه وانتسابا بِنَفْسِهِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ فِيهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِمَّا مَرَّ لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ الصَّحِيحُ وَذَلِكَ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ فَإِذَا أَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لَحِقَ الثَّانِي وَلَمْ يُعْرَضْ عَلَى قَائِفٍ وَبِزِيَادَتِي وَجَهِلَهَا الثَّانِي مَا لَوْ عَلِمَهَا فَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ.
فَصْلٌ: فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ امْرَأَةٍ._الى ان قال_" تجب بوفاة الزوج عِدَّةٌ وَهِيَ " أَيْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ " لِحُرَّةٍ حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ مِنْ غَيْرِهِ كَزَوْجَةِ صَبِيٍّ " أَوْ مَمْسُوحٍ " وَلَوْ رَجْعِيَّةً أَوْ لَمْ تُوطَأْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةً " مِنْ الْأَيَّامِ " بِلَيَالِيِهَا " قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} ١ أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا وَسَوَاءٌ الصَّغِيرَةُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ وَغَيْرُهُمَا وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ الْحَائِلَاتِ وَأُلْحِقَ بِهِنَّ الْحَامِلَاتُ مِمَّنْ ذُكِرَ وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ مَا أَمْكَنَ وَيُكْمَلُ الْمُنْكَسِرُ بِالْعَدَدِ كَنَظَائِرِهِ " وَلِغَيْرِهَا " وَلَوْ مُبَعَّضَةً " كَذَلِكَ " أَيْ حائل أَوْ حَامِلٌ مِمَّنْ ذُكِرَ " نِصْفُهَا " وَهُوَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَيَأْتِي فِي الِانْكِسَارِ مَا مَرَّ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ وَبِغَيْرِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ " وَلِحَامِلٍ مِنْهُ " أَيْ مِنْ الزَّوْجِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا " وَلَوْ مَجْبُوبًا " بَقِيَ أُنْثَيَاهُ " أَوْ مَسْلُولًا " بَقِيَ ذَكَرُهُ " وَضَعَهُ " أَيْ الْحَمْلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ٢ فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَفَارَقَ الْمَجْبُوبُ وَالْمَسْلُولُ الْمَمْسُوحَ فَإِنَّ الْمَجْبُوبَ بَقِيَ فِيهِ أَوْعِيَةُ الْمَنِيِّ وَقَدْ يَصِلُ إلَى الْفَرْجِ بِغَيْرِ إيلَاجٍ وَالْمَسْلُولُ بقي ذكره وقد يبالغ في الإيلاج فيتلذذ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ.
_________________
١ سورة الأحزاب الآية: ٤٩.
٢ سورة البقرة الآية: ٢٢٨.
٣ سورة الطلاق الآية: ١.
٤ سورة البقرة الآية: ١٩٧.
١ سورة الطلاق الآية: ٤.
٢ سورة الطلاق الآية: ٤.
٣ سورة البقرة الآية: ٢٢٨.

Mughni al_Muhtaaj V/78-95:

تَجِبُ) الْعِدَّةُ إذَا حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ الْمَذْكُورَةُ (بَعْدَ وَطْءٍ) فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ فِي شُبْهَةٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَطْءُ حَلَالًا أَمْ حَرَامًا كَوَطْءِ حَائِضٍ وَمُحَرَّمَةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي قُبُلٍ جَزْمًا أَوْ دُبُرٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَاقِلًا أَمْ لَا، مُخْتَارًا أَمْ لَا، لَفَّ عَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَةً أَمْ لَا بَالِغًا أَمْ لَا بِخِلَافِ فُرْقَةِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: ٤٩] وَضَبَطَ الْمُتَوَلِّي الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ بِكُلِّ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَمَا لَوْ زَنَى مُرَاهِقٌ بِبَالِغَةٍ أَوْ مَجْنُونٌ بِعَاقِلَةٍ أَوْ مُكْرَهٌ بِطَائِعَةٍ

تَنْبِيهٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ مِنْ وَطْءِ الصَّبِيِّ تَهَيُّؤُهُ لِلْوَطْءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّغِيرَةِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي اهـ.
وَهُوَ حَسَنٌ، وَتَعْتَدُّ بِوَطْءِ خَصِيٍّ لَا الْمُزَوَّجَةُ مِنْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَلَوْ دُونَ الْأُنْثَيَيْنِ لِعَدَمِ الدُّخُولِ لَكِنْ إنْ بَانَتْ حَامِلًا لَحِقَهُ الْوَلَدُ لِإِمْكَانِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَمْسُوحًا وَاعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ وَإِنْ نَفَاهُ، بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُهُ
قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا زَائِدًا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ أَوْ أَشَلَّ فَلَا كَالْمُبَانِ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى إذَا كَانَ الزَّائِدُ عَلَى سُنَنِ الْأَصْلِيِّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (أَوْ) الْفُرْقَةُ بَعْدَ (اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ، وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ: الْمَنِيُّ إذَا ضَرَبَهُ الْهَوَاءُ لَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْوَلَدُ غَايَتُهُ ظَنٌّ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَنِيُّ مُحْتَرَمًا حَالَ الْإِنْزَالِ وَحَالَ الْإِدْخَالِ، حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالِاسْتِدْخَالِ أَنْ يُوجَدَ الْإِنْزَالُ وَالِاسْتِدْخَالُ مَعًا فِي الزَّوْجِيَّةِ، فَلَوْ أَنْزَلَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَاسْتَدْخَلَتْهُ أَوْ أَنْزَلَ وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ أَبَانَهَا وَاسْتَدْخَلَتْهُ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ زِنًا كَمَا قَالُوا، أَمَّا مَاؤُهُ مِنْ الزِّنَا فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِهِ (وَ) تَجِبُ الْعِدَّةُ بِمَا ذُكِرَ، وَ (إنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ) كَمَا فِي الصَّغِيرِ، وَلَوْ كَانَ التَّيَقُّنُ بِالتَّعْلِيقِ: كَقَوْلِهِ: مَتَى تَيَقَّنْتِ بَرَاءَةَ رَحِمِكِ مِنْ مَنِيٍّ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ مَعَ مَفْهُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَلِأَنَّ الْإِنْزَالَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعُلُوقُ لَمَّا كَانَ خَفِيًّا يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، وَلِعُسْرِ تَتَبُّعِهِ أَعْرَضَ الشَّارِعُ عَنْهُ، وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ، وَ (لَا) تَجِبُ الْعِدَّةُ (بِخَلْوَةٍ) مُجَرَّدَةٍ عَنْ وَطْءٍ (فِي الْجَدِيدِ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَالْقَدِيمُ: تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ (وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ) بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ (ثَلَاثَةً) مِنْ أَقْرَاءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وَلَوْ ظَنَّهَا الْوَاطِئُ أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَا فِي التَّخْفِيفِ، وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا الرِّقُّ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتِرْقَاقِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ
وَالثَّانِي: تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ أَمَةٍ تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً حَتَّى حَاضَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنْهَا
(وَالْقَرْءُ) ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْفَتْحِ بِخَطِّهِ لِكَوْنِهِ اللُّغَةَ الْمَشْهُورَةَ، وَهُوَ لُغَةً مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ، وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ مَا فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ فِي الْأَوَّلِ مَجَازٌ فِي الثَّانِي وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ (الطُّهْرُ) كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ: وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وَالطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ مُحَرَّمٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَيُصْرَفُ الْإِذْنُ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ، وَقَدْ قُرِئَ " فَطَلِّقُوهُنَّ لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ " وَقَبْلَ الشَّيْءِ أَوَّلُهُ، وَلِأَنَّ الْقَرْءَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَمْعِ، يُقَالُ: قَرَأْت كَذَا فِي كَذَا إذَا جَمَعْته فِيهِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ بِالطُّهْرِ أَحَقَّ مِنْ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ اجْتِمَاعُ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ، وَالْحَيْضَ خُرُوجُهُ مِنْهُ، وَمَا وَافَقَ الِاشْتِقَاقَ كَانَ اعْتِبَارُهُ أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ وَأَقْرُؤٍ _الى ان قال_
(فَصْلٌ) (عِدَّةُ حُرَّةٍ حَائِلٍ) أَوْ حَامِلٍ بِحَمْلٍ لَا يَلْحَقُ صَاحِبَ الْعِدَّةِ (لِوَفَاةٍ وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ) أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ زَوْجَةَ صَبِيٍّ أَوْ مَمْسُوحٍ (أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤] إلَى {وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ لِمَا سَيَأْتِي، وَعَلَى الْحَائِلَاتِ بِقَرِينَةِ الْآيَةِ الْآتِيَةِ، وَكَالْحَائِلَاتِ الْحَامِلَةُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ، وَهَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: ٢٤٠] فَإِنْ قِيلَ شَرْطُ النَّاسِخِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْمَنْسُوخِ مَعَ أَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى مُتَقَدِّمَةٌ وَهَذِهِ مُتَأَخِّرَةٌ.
أُجِيبَ بِأَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ فِي التِّلَاوَةِ مُتَأَخِّرَةٌ فِي النُّزُولِ، وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ مَا أَمْكَنَ، وَيُكَمَّلُ الْمُنْكَسِرُ بِالْعَدَدِ كَنَظَائِرِهِ، فَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهَا الْأَهِلَّةُ كَالْمَحْبُوسَةِ اعْتَدَّتْ بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا الْوَطْءُ كَمَا فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ فُرْقَةَ الْوَفَاةِ لَا إسَاءَةَ فِيهَا مِنْ الزَّوْجِ فَأُمِرَتْ بِالتَّفَجُّعِ عَلَيْهِ وَإِظْهَارِ الْحُزْنِ بِفِرَاقِهِ، وَلِهَذَا وَجَبَ الْإِحْدَادُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلِأَنَّهَا قَدْ تُنْكِرُ الدُّخُولَ وَلَا مُنَازِعَ بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ، وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْأَعْظَمَ حِفْظُ حَقِّ الزَّوْجِ دُونَ مَعْرِفَةِ الْبَرَاءَةِ، وَلِهَذَا اُعْتُبِرَتْ بِالْأَشْهُرِ.
تَنْبِيهٌ: إنَّمَا قَالَ: بِلَيَالِيِهَا لِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ وَالْأَصَمَّ قَالَا: تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرِ لَيَالٍ وَتِسْعَةِ أَيَّامٍ
قَالَا: لِأَنَّ الْعَشْرَ تُسْتَعْمَلُ فِي اللَّيَالِي دُونَ الْأَيَّامِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْعَرَبَ تُغَلِّبُ صِيغَةَ التَّأْنِيثِ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً، فَيَقُولُونَ: سِرْنَا عَشْرًا، وَيُرِيدُونَ بِهِ اللَّيَالِيَ وَالْأَيَّامَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ مَعَ فَجْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الَّتِي هِيَ آخِرُ الشَّهْرِ لَا تَكْفِي مَعَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِالْهِلَالِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي، وَيُحْمَلُ الْعَشْرُ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَلَى الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ إذَا حُذِفَ جَازَ إثْبَاتُ التَّاءِ وَحَذْفُهَا (وَ) عِدَّةُ (أَمَةٍ) أَوْ حَامِلٍ بِمَنْ لَا يَلْحَقُ صَاحِبَ الْعِدَّةِ (نِصْفُهَا) أَيْ الْمَدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ، وَهُوَ مُمْكِنُ الْقِسْمَةِ كَمَا فِي الِاعْتِدَادِ بِالشُّهُورِ، وَيَأْتِي فِي الِانْكِسَارِ وَالْخَفَاءِ مَا مَرَّ.

Hasyiyah al_Bujairomi ala al_Khithib IV/51:

(وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: ٤٩] وَالْمَعْنَى فِيهِ: عَدَمُ اشْتِغَالِ رَحِمِهَا بِمَا يُوجِبُ اسْتِبْرَاءَهُ
________[حاشية البجيرمي]________
قَوْلُهُ: (وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا) أَيْ وَالْمَفْسُوخَةُ وَخَرَجَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَإِنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ قَبْلَ الدُّخُولِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ الْوَطْءِ أَوْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ فِيهِمَا وَلَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَى بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ لِتَتَزَوَّجَ حَالًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُنْكِرَ الْجِمَاعِ هُوَ الْمُصَدَّقُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ، وَلَوْ ادَّعَى هُوَ عَدَمَ الْوَطْءِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهِ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِاعْتِرَافِهَا بِالْوَطْءِ. اهـ. عش عَلَى مَرَّ. وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ عَلَى الْغَزِّيِّ قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ قَبْلَ وَطْئِهَا وَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ كَالْوَطْءِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ فِيهِمَا نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ عِدَّةٍ سَابِقَةٍ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا، حَتَّى تُتِمَّهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا بِنَحْوِ خُلْعٍ ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهِ كَأَنْ بَقِيَ مِنْهَا قُرْءَانِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْئِهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْعِدَّةِ الْأُولَى لِتَمَامِ الْقُرْأَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَالْأَشْهُرُ كَالْأَقْرَاءِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ قَدْ غَلِطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْفُضَلَاءِ بَلْ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ. وَبِذَلِكَ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ تَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِيهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ أُجِيبَ بِأَنَّ إيجَابَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجِهَا لَا لِمَعْرِفَةِ اسْتِبْرَاءِ رَحِمِهَا فَالْعِلَّةُ الَّتِي ذُكِرَتْ هُنَا، وَإِنْ فُقِدَتْ خَلَفَتْهَا عِلَّةٌ أُخْرَى أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَأَيْضًا الْمَوْتُ بِمَنْزِلَةِ الدُّخُولِ فِي إيجَابِ الْعِدَّةِ.

Nihaayah az_Zain I/320-329:

(تجب عدَّة لفرقة زوج حَيّ) بِطَلَاق أَو فسخ بِنَحْوِ عيب أَو انْفِسَاخ بِنَحْوِ لعان (وطىء) بِذكر مُتَّصِل وَلَو فِي دبر وَلَو من نَحْو صبي تهَيَّأ للْوَطْء وَلَا بُد من مَوْطُوءَة كَذَلِك وَلَو من خصي وَإِن كَانَ الذّكر أشل وَفِي معنى الطَّلَاق وَنَحْوه مَا لَو مسخ الزَّوْج حَيَوَانا فَتعْتَد عدَّة الطَّلَاق وَمثل الْوَطْء استدخال الْمَنِيّ الْمُحْتَرَم وَقت إنزاله وَهُوَ الَّذِي خرج على وَجه جَائِز كَأَن خرج بالاحتلام وَإِن دخل على وَجه محرم كَأَن أدخلته زَوجته على ظن أَنه مني الْغَيْر أما قبل الْوَطْء فَلَا عدَّة كَزَوْجَة مجبوب لم تستدخل منيه إِذا علم ذَلِك أما إِذا ساحقها وَنزل منيه وَلم يعلم هَل دخل فرجهَا أَو لَا فَتجب بِهِ الْعدة وَيلْحق بِهِ الْوَلَد وتنقضي عدتهَا بِالْحملِ الْحَاصِل مِنْهُ وكزوجة مَمْسُوح سَوَاء استدخلت مَاءَهُ أَو لَا وَإِن ساحقها حَتَّى نزل مَاؤُهُ فِي فرجهَا إِذْ لَا يلْحقهُ الْوَلَد
(وَإِن تَيَقّن بَرَاءَة رحم) كَمَا فِي الصَّغِيرَة الَّتِي يُمكن وَطْؤُهَا والآيسة وكما فِي الْمُعَلق طَلاقهَا على يَقِين الْبَرَاءَة فَإِذا مضى لَهَا بعد وضع الْحمل سِتَّة أشهر طلقت وَعَلَيْهَا الْعدة تعبدا (و) تجب عدَّة (لوطء شُبْهَة) وَهُوَ كل مَا لم يُوجب حدا على الواطىء وَإِن أوجبه على الْمَوْطُوءَة كَوَطْء مَجْنُون أَو مراهق أَو مكره عَاقِلَة بَالِغَة وَلَو زنا مِنْهَا فتلزمها الْعدة لاحترام المَاء فِي الْمَجْنُون حَقِيقَة وَفِي الْمُرَاهق حكما لكَونه مَظَنَّة الْإِنْزَال وَلعدم وجوب الْحَد على الْمُكْره وَمَا دَامَت الْمَرْأَة فِي عدَّة الشُّبْهَة لَا يسْتَمْتع بهَا الزَّوْج بِوَطْء جزما وَبِغَيْرِهِ على الْمَذْهَب لِأَنَّهَا مُعْتَدَّة عَن غَيره حملا كَانَ أَو غَيره حَتَّى تقضيها بِوَضْع أَو غَيره لاختلال النِّكَاح بتعلق حق الْغَيْر بهَا وَيُؤْخَذ من هَذَا التَّعْلِيل حُرْمَة نظره إِلَيْهَا وَلَو بِلَا شَهْوَة وَالْخلْوَة بهَا وَتَكون الْعدة (بِثَلَاثَة قُرُوء) وَإِن اخْتلف وتطاول مَا بَينهَا وَإِن استجلبتها بدواء (على حرَّة تحيض) وَكَذَا لَو كَانَت حَامِلا من زنا فَإِنَّهَا تَعْتَد بِثَلَاثَة قُرُوء إِذْ حمل الزِّنَا لَا حُرْمَة لَهُ وَلَو جهل حَال الْحمل وَلم يكن لُحُوقه بِالزَّوْجِ بِأَن ولد فِي وَقت أَكثر من أَربع سِنِين من وَقت إِمْكَان وَطْء الزَّوْج لَهَا كَأَن كَانَ مُسَافِرًا بِمحل بعيد حمل أَنه زنا وَأما لَو أمكن لُحُوقه بِهِ بِأَن وَلدته فِي وَقت دون سِتَّة أشهر من نِكَاح الثَّانِي وَدون أَربع سِنِين من طَلَاق الأول حكم بلحوقه للْأولِ وَيبْطل بِهِ نِكَاح الثَّانِي والقرء هُوَ الطُّهْر المحتوش بدمين فَإِن طلقت طَاهِرا وَقد بَقِي من الطُّهْر لَحْظَة انْقَضتْ الْعدة بالطعن فِي حَيْضَة ثَالِثَة أَو طلقت حَائِضًا وَإِن لم يبْق من زمن الْحيض شَيْء فتنقضي عدتهَا بالطعن فِي حَيْضَة رَابِعَة إِذْ مَا بَقِي من الْحيض لَا يحْسب قرءا قطعا وَلَو طلقت فِي النّفاس فَلَا بُد من ثَلَاثَة أَقراء بعده لِأَن النّفاس لَا يحْسب من الْعدة وَلَو طلقت من لم تَحض أصلا لم تنقض عدتهَا إِلَّا بالطعن فِي الْحَيْضَة الرَّابِعَة كمن طلقت فِي الْحيض
(و) تكون الْعدة (بِثَلَاثَة أشهر) بِالْأَهِلَّةِ (إِن لم تَحض) أَي الْحرَّة لصغرها أَو لعِلَّة أَو جبلة منعتها رُؤْيَة الدَّم أصلا أَو ولدت وَلم تَرَ دَمًا قبل الْحمل _الى ان قال_
(و) تجب عدَّة (لوفاة زوج حَتَّى على رَجْعِيَّة وَغير مَوْطُوءَة بأَرْبعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام) بلياليها بعد وضع الْحمل إِن كَانَت حَامِلا من غير زنا بِأَن كَانَ من شُبْهَة لِأَن عدَّة الْحمل مُقَدّمَة تقدّمت أَو تَأَخَّرت عَن الْمَوْت بِأَن وطِئت بِشُبْهَة فِي أثْنَاء الْعدة وحملت فَإِنَّهَا تقدم عدَّة الشُّبْهَة وَبعد وضع الْحمل تبنى على مَا مضى من عدَّة الْوَفَاة يَعْنِي أَن عدَّة الْحرَّة الْمُعْتَدَّة عَن وَفَاة إِن كَانَت حَائِلا أَو حَامِلا من غير الزَّوْج أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام بلياليها وَإِن كَانَت ذَات أَقراء وَإِن لم تُوطأ أَو كَانَت صَغِيرَة أَو زَوْجَة مَمْسُوح ذكره وأنثياه أَو زَوْجَة صبي لم يبلغ تسع سِنِين بِخِلَاف مَا إِذا بلغ أَوَان الِاحْتِلَام فَتعْتَد الْحَامِل بِالْوَضْعِ وَلَو مَاتَ شخص عَن مُطلقَة رَجْعِيَّة انْتَقَلت إِلَى عدَّة وَفَاة مَعَ عدم حسبان مَا مضى وَسَقَطت بَقِيَّة عدَّة الطَّلَاق وَتسقط نَفَقَتهَا أَو مَاتَ عَن مُطلقَة بَائِن كمفسوخ نِكَاحهَا فَلَا تنْتَقل إِلَى عدَّة الْوَفَاة بل تكمل عدَّة الطَّلَاق

Al_Fiqh al_Manhaji ala Madzhab al_Imam as_Syafi'i IV/159-161:

أنواع العدّة:
تنقسم العدّة التي تلزم بها المرأة إلى قسمين:
١ـ عدة وفاة.
٢ـ وعدة فراق.
أولاً: عدّة الوفاة:
أما عدّة الوفاة، فهي التي تجب على من مات عنها زوجها:
أـ فإن كانت حاملاً منه أثناء الوفاة فعدّتها تنتهي بوضع الحمل، طالت المدة أو قصرت.
ب ـ وإن كانت المرأة غير حامل، أو كانت حاملاً بحمل لا يمكن أن يكون من زوجها المتوفى عنها، كأن يكون زوجها غير بالغ، أو ثبت غيابه عنها منذ أكثر من أربع سنوات، فعدّتها تنتهي بنهاية أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء دخل بها الزوج، أو لم يدخل.
دليل ذلك:
والدليل على ما ذكر قول الله عز وجل: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]. وقوله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: ٢٣٤].
[يتربصن: ينتظرن. بلغن أجلهنّ: انقضت عدّتهنّ ومدّتهنّ المذكورة. فلا جناح: لا خرج ولا إثم. فيما فعلن في أنفسهنّ: أي من التزين، والتعرّض للخطاب، وللزواج. بالمعروف: بالوجه الذي يقرّه الشرع، ولا ينكره].
فالآية الثانية من الآيتين عامّة تشمل المرأة الحامل وغيرها، أما الأولى منهما فقد أخرجت من ذلك العموم النساء الحوامل، وجعلت لهنّ حكماً خاصاً بهنّ، فكان هذا هو دليل التفريق بين عدّة المرأة التي توفي عنها زوجها وهي حامل منه، وبين عدّة المرأة التي توفي عنها زوجها وهي غير حامل.
والدليل من السنة أن الحامل تنتهي عدّتها بوضع الحمل: ما رواه البخاري (الطلاق، باب: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ ... . }، رقم: ٥٠١٤) عن المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -: أن سُبيْعة الأسلمية رضي الله عنها نُفسَتْ بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه أن تنكح، فأذن لها، فنكحت. [نفست: ولدت].
ثانياً: عدة الفراق:
وأما عدّة الفراق فهي التي تجب على المرأة التي فارقت زوجها، بفسخ أو طلاق، بعد وطئها:
أـ فإن كانت حاملاً فعدّتها تنتهي بوضع الحمل. ودليل ذلك عموم قول الله عزّ وجل:
{وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤].
ب ـ وإن كانت حامل، وهي من ذوات الحيض، فعدّتها بمرور ثلاثة أطهار من بعد الفراق.
ودليل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة: ٢٢٨]
ج ـ وإن كانت لا ترى حيضاً: بأن كانت صغيرة، أو آيسة، أي متجاوزة سن الحيض ذلك قول الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤].
[واللائي لم يحضن: الصغيرات، فعدّتُهنّ أيضاً ثلاثة أشهر. إن ارتبتم: شككتم في حكمهنّ، ولم تعرفوا كيف يعتدن].
المطلّقة قبل الدخول بها:
أما المرأة التي فارقها زوجها بفسخ، أو طلاق، قبل الدخول بها، فلا يجب عليها أن تلتزم بأيّ عدّة.
ودليل ذلك قول الله عزّ وجل ّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} [الأحزاب: ٤٩].

Komentari

Lebih baru Lebih lama