Pertanyaan:
Jawaban:
Wa'alaikumussalam Warahmatullahi Wabarakatuh
Para Ulama berselisih pendapat tentang hukum menguburkan Mayit pada malam hari, hanya saja Madzhab Syafi'i, pendapat yang Mukhtar dari kalangan Hanafiyyah dan Malikiyyah dan pendapat yang dijadikan Madzhab dari kalangan Hanabilah menyatakan tidak makruh menguburkan Mayit pada malam hari hanya saja menguburnya pada siang hari lebih utama. Sebagian pendapat memakruhkan mengubur Mayit pada malam hari yaitu pendapat Imam Ahmad dan Al Hasan. Pendapat yang membolehkan tanpa ada kemakruhan menguburkan Mayit pada malam hari tersebut berhujjah dengan Hadits Nabi sebagai berikut:
وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلًا
"Abu Bakar Radhiallahu Anhu dikuburkan pada malam hari" (HR. Bukhari)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ بِلَيْلَةٍ، قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَكَانَ سَأَلَ عَنْهُ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فَقَالُوا: فُلاَنٌ دُفِنَ البَارِحَةَ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ
Artinya: Dari Ibn Abbas Radhiallahu Anhuma ia berkata: "Nabi Shalallahu Alaihi Wasallam menshalatkan seorang lelaki sesudah dikubur pada malam hari, lalu beliau berdiri dan berdiri pula para sahabatnya, kemudian seseorang bertanya: Siapa ini? Mereka menjawab, si pulan dikuburkan kemaren maka mereka menshalatkannya". (HR. Bukhari Nomor 1340, Kitab Janaiz bab menguburkan Mayit pada malam hari, Tirmidzi nomor 1057 kitab Janaiz bab menguburkan Mayit pada malam hari, Abu Dawud nomor 3164, kitab Janaiz bab menguburkan Mayit pada malam hari, dan lafadz tersebut milik Bukhari)
Hadits-hadits tersebut dan yang semakna dengannya mengindikasikan bolehnya mengubur Mayit pada malam hari tanpa ada kemakruhan. Bahkan kalangan Syafi'iyah mengatakan bahwa Aisyah, Fathimah dan selain mereka dari sahabat dikuburkan pada malam hari dan sahabat lain tidak ada mengingkari hal tersebut. Sedangkan Hujjah pendapat yang memakruhkan berdasarkan hadits berikut:
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ وَقُبِرَ لَيْلًا فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ
Artinya: Berkata Ibn Juraij: "Telah mengabarkan kepadaku Abu Zubair bahwa ia mendengar Jabir bin Abdullah menceritakan bahwa pada suatu hari Nabi shallallahu 'alaihi wasallam berkhutbah lalu menyebutkan kisah tentang salah seorang sahabatnya yang meninggal dan dikafani dengan kain yang tidak menutupi seluruh badannya, kemudian dimakamkan di malam hari. Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam melarang untuk menguburkannya di malam hari sampai dishalatkan, kecuali jika keadaannya sangat terpaksa, lalu Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Jika salah seorang dari kalian mengkafani saudaranya, maka hendaknya ia memperbagus kafannya". (HR. Muslim)
Hanya saja maksud hadits tersebut Menurut penuturan Imam Nawawi bukan melarang mengubur Mayit pada malam hari tapi lebih tepatnya dilarang mengubur Mayit tanpa dishalati terlebih dahulu, sedangkan Ulama yang membolehkan mengubur Mayit pada malam hari tersebut menjawab Hadits riwayat Muslim tersebut dengan jawaban: "Larangan dari Hadits tersebut adalah karena meninggalkan shalat bukan melarang mengubur Mayit pada malam hari atau juga karena menshalati malam hari sedikitnya jamaah shalat jenazah atau Hadits ini menunjukkan Tidak membaguskan kafan atau itu semua.
Kesimpulan:
Berdasarkan dalil yang kuat dan dipilih kebanyakan Ulama mengubur Mayit pada malam hari dibolehkan dan tanpa dimakruhkan, sedangkan menurut sebagian Ulama memakruhkan mengubur Mayit pada malam hari.
Walllahu A'lamu Bis Showaab
علوم الفقه
الموسوعة الفقهية الكويتية الجزء أحد وعشرين ص ١٦-١٧
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَدَى الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ الدَّفْنُ لَيْلاً؛ لأَِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ دُفِنَ لَيْلاً، وَعَلِيٌّ دَفَنَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَيْلاً، وَمِمَّنْ دُفِنَ لَيْلاً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَائِشَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ. وَرَخَّصَ فِيهِ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ نَهَارًا إِنْ أَمْكَنَ؛ لأَِنَّهُ أَسْهَل عَلَى مُتَّبِعِي الْجِنَازَةِ، وَأَكْثَرُ لِلْمُصَلِّينَ عَلَيْهَا، وَأَمْكَنُ لاِتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي دَفْنِهِ.
وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَالْحَسَنُ (1) ؛ لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلاً، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُل بِاللَّيْل إِلاَّ أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ (2) .
_____________
(1)ابن عابدين 1 / 607، ومواهب الجليل 2 / 221، والقليوبي 1 / 350، وروضة الطالبين 2 / 142، وحاشية الجمل 2 / 200، والمغني 2 / 555.
(2) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يومًا فذكر رجلاً من أصحابه " أخرجه مسلم (2 / 651 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
الفقه الاسلامي وأدلته الجزء الثاني ص ١٥٦٤
ويجوز ولايكره الدفن ليلاً، وهو المختار عند الحنفية، والشافعية والحنابلة، وأجاز الشافعية الدفن في وقت كراهة الصلاة ما لم يتحرَّه، فإن تحراه وتعمده كره (1).
ودليل جواز الدفن ليلاً: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم دفن ليلاً، كما ذكر أحمد عن عائشة، ودفن أبو بكر بالليل، كما ذكر البخاري تعليقاً في باب الدفن بالليل (2)، ودفن الصحابة إنساناً بالليل في حال حياة الرسول عليه السلام (3).
___________________
(1) الدر المختار:847/ 1، المجموع:269/ 5، مغني المحتاج:363/ 1، المغني:555/ 2 ومابعدها.
(2) راجع نيل الأوطار:88/ 4، وقد وصل البخاري حديث دفن أبي بكر في آخر كتاب الجنائز في باب موت يوم الاثنين من حديث عائشة.
(3) رواه البخاري وابن ماجه عن ابن عباس، قال البخاري: ودفن أبو بكر ليلاً، وروى أبو داود عن جابر أن النبي دفن رجلاً ليلاً (نيل الأوطار:88/ 4)
المجموع شرح المهذب الجزء الخامس ص ٣٠٢
قَالَ اصحابنا لا يُكْرَهُ الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ لَكِنْ الْمُسْتَحَبُّ دَفْنُهُ نَهَارًا قَالُوا وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَإِنَّهُ كَرِهَهُ
* وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إنْسَانٌ إلَى ذَلِكَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ
* دَلِيلُنَا الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ (مِنْهَا) حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَرَّ بِقَبْرٍ دُفِنَ لَيْلًا فَقَالَ مَتَى دُفِنَ هَذَا فَقَالُوا الْبَارِحَةَ قَالَ أَفَلَا آذَنْتُمُونِي قَالُوا دفناه في ظلمة الليل فكرهنا ان نوقضك فصلي عليه " رواه البخاري وعن جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ " رَأَى نَاسٌ نَارًا فِي الْمَقْبَرَةِ فَأَتَوْهَا فَإِذَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَبْرِ وَإِذَا هُوَ يَقُولُ نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ وَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ
* وَاحْتَجَّ بِهِ أَبُو دَاوُد فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُعْتَمَدَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ (وَأَمَّا) حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا فَأُسْرِجَ لَهُ سِرَاجٌ " إلَى آخِرِهِ فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ (فَإِنْ قِيلَ) قَدْ قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ فِي هَذَا لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْن أَرْطَاةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اُعْتُضِدَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِغَيْرِهِ فَصَارَ حَسَنًا قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَدُفِنَتْ عَائِشَةُ وَفَاطِمَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَيْلًا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ دَفْنِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مغني المحتاج الجزء الثاني ص ٥٤
وَيَجُوزُ) بِلَا كَرَاهَةٍ (الدَّفْنُ لَيْلًا) ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ وَفَاطِمَةَ وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ مَا عَدَا عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - دُفِنُوا لَيْلًا، وَقَدْ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ. أَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ إخْرَاجِ جَنَائِزِهِمْ نَهَارًا، وَعَلَى الْإِمَامِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ
حاشية الجمل على شرح المنهج الجزء الثاني ص ٢٠٠
قَوْلُهُ وَجَازَ دَفْنُهُ لَيْلًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُفِنَ لَيْلًا» وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا اهـ شَرْحُ م ر نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ مَنْعُ الْكُفَّارِ مِنْ الدَّفْنِ نَهَارًا إنْ أَظْهَرُوهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
شروح الحديث
المنهاج شرح صحيح مسلم الجزء السبعة ص ١١
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الْقَبْرِ لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ سَبَبُهُ أَنَّ الدَّفْنَ نَهَارًا يَحْضُرهُ كَثِيرُونَ مِنَ النَّاسِ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَلَا يَحْضُرُهُ فِي اللَّيْلِ إِلَّا أَفْرَادٌ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ لِرَدَاءَةِ الْكَفَنِ فَلَا يَبِينُ فِي اللَّيْلِ وَيُؤَيِّدُهُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ وَآخِرُهُ قَالَ الْقَاضِي الْعِلَّتَانِ صَحِيحَتَانِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَهُمَا مَعًا قَالَ وَقَدْ قِيلَ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ) دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الدَّفْنِ فِي اللَّيْلِ فَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يُسْتَدَلُّ لَهُ بِهِ وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا يُكْرَهُ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ دُفِنُوا لَيْلًا مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ وَبِحَدِيثِ الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ وَالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَتُوُفِّيَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا وَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا تُوُفِّيَ لَيْلًا فَدَفَنَّاهُ فِي اللَّيْلِ فَقَالَ أَلَا آذَنْتُمُونِي قَالُوا كَانَتْ ظُلْمَةٌ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُجَرَّدِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَإِنَّمَا نَهَى لِتَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ أَوْ عَنْ إِسَاءَةِ الْكَفَنِ أَوْ عَنِ الْمَجْمُوعِ كَمَا سَبَقَ
فتح الباري لإبن حجر الجزء الثاني ص ٢٠٧-٢٠٨-
قَوْلُهُ بَابُ الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ)
أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ لَيْلًا إِلَّا أَن يضْطَر إِلَى ذَلِك أخرجه بن حِبَّانَ لَكِنْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ وَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ وَقُبِرَ لَيْلًا فَزَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ بِسَبَبِ تَحْسِينِ الْكَفَنِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ مَضْبُوطٌ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنْ رُجِيَ بِتَأْخِيرِ الْمَيِّتِ إِلَى الصَّبَاحِ صَلَاةُ مَنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ عَلَيْهِ اسْتُحِبَّ تَأْخِيرُهُ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ جَزَمَ الطَّحَاوِيُّ وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ لِلْجَوَازِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفْنَهُمْ إِيَّاهُ بِاللَّيْلِ بَلْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ عَدَمَ إِعْلَامِهِمْ بِأَمْرِهِ وَأُيِّدَ ذَلِكَ بِمَا صَنَعَ الصَّحَابَةُ بِأَبِي بَكْرٍ وَكَانَ ذَلِكَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْهُمْ عَلَى الْجَوَازِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ قَرِيبًا وَأَمَّا أَثَرُ أَبِي بَكْرٍ فَوَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ فِي بَابِ مَوْتِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِيهِ وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ دُفِنَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلًا وَمِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ عُمَرَ دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَصَحَّ أَنَّ عَلِيًّا دَفَنَ فَاطِمَة لَيْلًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَكَانَهُ
فتح الباري لإبن بطال الجزء الخامس ص ٣٢٥-٣٢٧
بَاب الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلا
/ 74 - فيه: ابْن عَبَّاس، قَالَ: صَلَّى النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ بِلَيْلَةٍ، قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانَ يسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالَ: (مَنْ هَذَا؟) فَقَالُوا: فُلانٌ، دُفِنَ الْبَارِحَةَ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ. قال ابن المنذر: أجاز أكثر العلماء الدفن بالليل، فممن دفن بالليل أبو بكر الصديق، دفنه عمر بن الخطاب بعد صلاة العشاء، ودُفنت عائشة وعثمان بن عفان بالليل أيضًا، ودفن علىُّ بن أبى طالب زوجته فاطمة ليلاً، فَرَّ بِهَا من أبى بكر أن يصلى عليها، كان بينهما شىء، رواه ابن جريج عن عمرو بن دينار، أن حسن بن محمد أخبره بذلك، وقال: أوصته فاطمة بذلك. ورخص فى ذلك عقبة بن عامر، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وهو قول الزهرى، والثورى، والكوفيين، وابن أبى حازم، ومطرف بن عبد الله، ذكره ابن حبيب، وإليه ذهب الشافعى، وأحمد، وإسحاق. وكان الحسن البصرى يكره الدفن بالليل، والدفنُ بالليل مباح، لأن الرسول صلى على الذى دفن بالليل، وعلى المسكينة، ولم ينكر ذلك عليهم. وذكر الطحاوى من حديث جابر، وابن عمر، أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، نهى عن الدفن ليلاً، وقد يكون النهى عن ذلك ليس من طريق كراهية الدفن بالليل، أراد رسول الله أن يصلى على جميع موتى المسلمين لما لهم فى ذلك من الفضل والخير، وروى عن أبى هريرة، أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، دخل المقبرة فصلى على رجل بعد ما دفن، فقال: (ملئت هذه القبور نورًا بعد أن كانت مظلمة عليهم) . وقيل: إنما نهى عن ذلك لمعنى آخر رواه أشعث عن الحسن، أن قومًا كانوا يسئون أكفان موتاهم، فنهى رسول الله عن دفن الليل. وأخبر الحسن أن النهى عن الدفن ليلاً إنما كان لهذه العلة، وقد روى جابر بن عبد الله نحوًا من ذلك. روى ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبى جعفر، عن أبى الزبير، عن جابر، قال: خطب بنا النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، فذكر رجلاً من أصحابه قبض فكفن فى كفن غير طائل فدفن ليلاً، فزجر أن يقبر الرجل ليلاً لكى يصلى عليه، إلا أن يضطر إلى ذلك، وقال: (إذا وارى أحدكم أخاه فليحسن كفنه) . قال الطحاوى: فجمع فى هذا الحديث العلتين اللتين قيل إن النهى كان من أجلهما. قال الطحاوى: وقد فعل ذلك رسول الله، وروى ابن إسحاق، عن فاطمة بنت محمد، عن عمرة، عن عائشة، قالت: ما علمنا بدفن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى سمعنا بصوت المساحى من آخر الليل ليلة الأربعاء. وقال عقبة بن عامر: (ثلاث ساعات كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينهانا أن نصلى فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيف الشمس إلى الغروب حتى تغرب) . فدل أن ما سوى هذه الأوقات بخلافها فى الصلاة على الموتى ودفنهم.
مرقاة المفاتيح شرح مشكاه المصابيح الجزء الثالث ص ١١٩٩
قَالَ الْمُظْهِرُ: فِيهِ مَسَائِلُ جَوَازِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ، أَيْ: بِتَقْرِيرِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ، وَاسْتِحْبَابُ صَلَاةِ الْمَيِّتِ بِالْجَمَاعَةِ اهـ.
وَلَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُتَطَرِّفَتَيْنِ إِلَّا مَا شَذَّ بِهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَتَبِعَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَا صَحَّ أَيْضًا: «أَنَّ نَاسًا رَأَوْا فِي الْمَقْبَرَةِ نَارًا، فَأَتَوْهَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَبْرِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ، فَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ» ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ: زَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، فَالنَّهْيُ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ عَنْ دَفْنِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَكْرَارِ الصَّلَاةِ.
نيل الأوطار الجزء الرابع ص ١٠٨
وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ اسْتِحْبَابِ إحْسَانِ الْكَفَنِ، وَفِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ» وَأُجِيبَ عَنْهُ أَنَّ الزَّجْرَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا لِلدَّفْنِ بِاللَّيْلِ، أَوْ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْفِنُونَ بِاللَّيْلِ لِرَدَاءَةِ الْكَفَنِ، فَالزَّجْرُ إنَّمَا هُوَ لَمَّا كَانَ الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ مَظِنَّةَ إسَاءَةِ الْكَفَنِ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَإِذَا لَمْ يَقَعْ تَقْصِيرٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ فَلَا بَأْسَ بِالدَّفْنِ لَيْلًا وَقَدْ قِيلَ فِي تَعْلِيلِ كَرَاهَةِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ: أَنَّ مَلَائِكَةَ النَّهَارِ أَرْأَفُ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ، وَلَمْ يَصِحَّ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
عون المعبود شرح سنن ابي داود الجزء الثمانية ص ٣٠٩-٣١٠
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْكَفَنِ وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ لَيْلًا حتى يصلي عَلَيْهِ
وَأُجِيبَ عَنْهُ أَنَّ الزَّجْرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا لِلدَّفْنِ بِاللَّيْلِ أَوْ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْفِنُونَ بِاللَّيْلِ لِرَدَاءَةِ الْكَفَنِ فَالزَّجْرُ إِنَّمَا هُوَ لَمَّا كَانَ الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ مَظِنَّةَ إِسَاءَةِ الْكَفَنِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِذَا لَمْ يَقَعْ تَقْصِيرٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهُ فَلَا بَأْسَ بِالدَّفْنِ لَيْلًا وَقَدْ دُفِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَا دُفِنَ أَبُو بَكْرٍ لَيْلًا كَمَا عِنْدَ بن أَبِي شَيْبَةَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي الْبَابِ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
تحفة الأحوذي الجزء الرابع ص ١٤١
وَرَخَّصَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ) لِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ
رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الزَّجْرَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا لِلدَّفْنِ بِاللَّيْلِ أَوْ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْفِنُونَ بِاللَّيْلِ لِرَدَاءَةِ الْكَفَنِ
فَالزَّجْرُ إِنَّمَا هُوَ لَمَّا كَانَ الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ مَظِنَّةَ إِسَاءَةِ الْكَفَنِ فَإِذَا لَمْ يَقَعْ تَقْصِيرٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهُ فَلَا بَأْسَ بِالدَّفْنِ لَيْلًا
وقَدْ دُفِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَا دُفِنَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَيْلًا وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دفن فاطمة ليلا
مرعاة المفاتيح شرح مشكاه المصابيح الجزء الخامس ص ٣٨٩-٣٩٠
وحديث أبي أمامة بن سهل عند مالك والبيهقي وابن عبد البر في دفن المسكينة ليلاً. وحديث أبي سعيد عند ابن ماجه وغير ذلك من الأحاديث: وقد دفن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلاً، كما رواه أحمد عن عائشة. ودفن أبوبكر وعمر ليلاً، ودفن علي فاطمة ليلاً، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد في الأصح المشهور عنه، وأبوحنيفة وإسحاق والجمهور، وكرهه قتادة والحسن البصري وسعيد بن المسيب وأحمد في رواية. وقال ابن حزم: لا يجوز أن يدفن أحد ليلاً إلا عن ضرورة، وكل من دفن ليلاً منه - صلى الله عليه وسلم - ومن أزواجه وأصحابه فإنما ذلك لضرورة أوجبت ذلك من خوف زحام أو خوف الحر على من حضر، وحر المدينة شديداً، وخوف تغير أو غير ذلك مما يبيح الدفن ليلاً، لا يحل لأحد أن يظن بهم خلاف ذلك. واستدل هؤلاء بحديث جابر عند أحمد ومسلم وأبي داود: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يوماً فذكر رجلاً من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلاً فزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل ليلاً حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه، وأجاب الجمهور عنه بأن النهي ليس لأجل كراهة الدفن ليلاً، بل لأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لرداءة الكفن وإساءته، كما يدل عليه أول الحديث وآخره. وقال الطحاوي: أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن الدفن ليلاً أن يصلي على جميع المسلمين؛ لما يكون لهم في ذلك من الفضل، يعني فيحتسب تأخير دفنه إلى الصباح إن رجي بتأخيره صلاة من ترجي بركته. وقيل: يحتمل أن يكون نهى عن ذلك أولاً ثم رخص. وقيل: المنهي عنه الدفن قبل الصلاة، وتعقب بأن الدفن قبل الصلاة منهي عنه مطلقاً سواء كان بالليل أو بالنهار. والظاهر أن النهي عن الدفن بالليل ولو بعد الصلاة، ففي رواية ابن ماجه من حديث جابر مرفوعاً: لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا.
[Ismidar Abdurrahman As-Sanusi]